" طه حسين".. وسقوط القناع الزائف
على عبدالعال
يعد الدكتور طه حسين، واحداً من أهم الشخصيات التى أثارت حولها الجدل، ونشبت المعارك والمساجلات على آرائها وأفكارها، ومثلت اتجاهاتها التغريبية انقلاباً عنيفاً على المجتمع وأهله والبيئة التى نشأ فيها.
عاش الرجل حياة حافلة بالسعى دون أن يفتر فيها طرفة عين، عن بث سموم التشكيك والتغريب والإلحاد فى عروق الأمة التى أريد لها أن تنبض بالعداء.
وكان فى مقدمة الجيل الذى احتضنته المعاهد الغربية، والتى قامت فى أوروبا لإعداد دعاة من أبناء العرب والمسلمين، ينقلبون على العربية والإسلام، ويتولون عنها إحتواء خيرة العقول المسلمة لإخراجها من قيمها ودينها.
ولما أخذ الجدال حول هذه الشخصية يتجدد على ساحات الأقلام، فقد آن لنا أن نبحث فى تاريخ الرجل، لنبين للأمة المسلمة، على أى أساس أتهم طه حسين، بأنه قضى حياته يعمل فى صفوف أعدائها قلباً وقالباً.
لائحة الإتهام المقدمة ضد الدكتور طه حسين
وتتضمن لائحة الإتهام، مجموعة الأفكار والآراء المسمومة، التي عمل في ظلالها الدكتور طه حسسين.
فمن خلال المجالات العديدة التي عمل بها ( ثقافية ــ تعليمية ــ فكرية ــ أدبية ) لم يأل الرجلُ جهداً فى بث سمومه وشكوكه، داخل المجتمع المصري والمجتمع العربي والإسلامي من ورائه، ومن ذلك أنه كان يرى ضرورة فصل الدراسات الأدبية عن روح الإسلام ومثله .. تحت لافتة حرية البحث الأدبى.
فلا يكون على الشاعر والفنان حرج فى أن يصور الرذيلة كيف شاء، وهو مذهب اباحى، كان جزءاً من رسالته ومنهجه الذى أشاع من خلاله أدب المجون والجنس والرذيلة، ودفع بالأدب إلى أوحال الشهوات والإباحية.
يقول الأديب الأستاذ، إبراهيم عبدالقادر المازنى : " ولقد لفتنى إلى الدكتور طه حسين، فى كتابه (حديث الأربعاء) أن له ولعاً بتعقب الزناة والفساق والفجرة والزنادقة ... وهو ماحمله ـــ طه حسين ـــ على قوله فى العصر العباسى : " إن القرن الثانى للهجرة كان عصر شك ومجون وعصر إفتتان وإلحاد عن الأخلاق، والعادات الموروثة والدين" ... إلى أن قال الدكتور طه، فى وصفه لذلك : " خسرت الأخلاق من هذا التطور وربح الأدب" .
كما حاول طه حسين، إخضاع الأدب العربى، والفكر الإسلامى والتاريخ، لمناهج ونظريات الأدب العربى، وروحه القائمة على المادية الغربية وعلى إستعلاء الغرب المستعمر على العرب والمسلمين.
ولم يترك مقولة شاردة، لمستشرق حاقد، إلا نقلها وادعاها لنفسه، كما أعلى من شأن الأدب اليونانى القديم، والفرنسى الحديث، ولم يضيع فرصة للإشادة بهما إرضاءاً لسادته الفرنسيين أولاً ثم الأمريكان من بعد، وشغف بأسلوب الشك والتهكم والظن والإدعاء بدون دليل يعتمد على سند علمى صحيح.
ودعا إلى فصل اللغة العربية عن الدين الإسلامى، وهو هدف تغريبى قديم يرمى إلى إسقاط مكانة اللغة العربية بإعتبارها لغة القرآن الكريم، وقطع الصلات التى ترط الدراسات العربية، بالدراسات الإسلامية.
كما سعى إلى محو دور الأزهر الدينى، داخل المجتمع المصرى، باستبعاده عن القيام بوظيفة تعليم الدين، لأن مناهجه ـــ كما يزعم ـــ لاتحقق للدارسين عمق الثقافة وحرية الفكر، وكان يهدف من ذلك إلى خطف دراسات الإسلام من الأزهر، ونقلها إلى كلية الآداب التى يقوم أسلوب التدريس بها على منهج علمانى مادى.
ودعا إلى ما أسماه ( تطوير النحو) وكانت هذه دعوة خبيثة، ترمى إلى صرف الناس عن دراسة كتب النحو القديم والبلاغة القديمة، بدعوى أن القواعد القديمة معقدة.
ورد على هذه الفرية، الدكتور محمد محمد حسين بقوله : " والنحو العربى ولا أقول : النحو القديم ـــ ماعيبه وهل هو حقاً كما يزعمون معقد صعب؟ وهل ثبت فشله كما يزعمون فى تنشئة جيل عربى يقيم عربيته ويحسن ذوقها، نحونا وبلاغتنا لاعيب فيهما، .. وهذه الدعوات التى توصف بدعوى التبشير والإصلاح، هى دعوات مفتعلة يروجها هدامون وينساق ورائها مغفلون " .كما زعم طه حسين أن عقلية مصر، عقلية يونانية، وانه لابد أن تعود مصر إلى أحضان فلسلفة اليونان، ومن ثم كانت دعوته الملحة إلى جعل المثل الأعلى للحضارة يونانياً وأن يكون قادة الفكر الإنسانى هم : (هوميروس) و(سقراط) و(أفلاطون) و(أرسطو) فيقول :" لو أن الحضارة الحاضرة أزيلت وأريد تأسيسها حضارة جديدة لكانت فلسفة أرسطو أساساً لها" .
وفى كتابه (رحلة الربيع) يقول : " إنها (أثينا) هى التى أرست للأجيال وللإنسانية طريقها الذى سلكته وستسلكه مدى الحياة" .
حاول فى كتابه (الشعر الجاهلى ) التأكيد على إفشاء النظرية المكذوبة، التى كتبها المستشرق اليهودى الفرنسى "مرجليوث" وأدعى خلالها أن الشعر الجاهلى وضع أكثره بعد الإسلام، وكان القصد من وراء هذه الفرية تحطيم الدعائم التى يقوم عليها تفسير الألفاظ العربية الموجودة فى القرآن .
وفى كتابه أرد طه حسين، أن يبث مجموعة من الآرداء المنحرفة والإلحادية، ويطرح نظرية الشك الفلسفى.. ويهدم عدداً من القيم والثوابت فى الفكر الإسلامى والأدب العربى.
كما أحتوت كتاباته، على غير قليل من التهوين فى أمر التراث الإسلامى، مع التهويل والتفخيم فى التأثرات الأجنبية عليه.
ودعا طه حسين إلى ترجمة القرآن، وهى غاية طالما انتظرها الإستعمار وأذنابه، لتمزيق وحدة العالم الإسلامى، فتصدى له الدكتور محمد سعاد جلال قائلاً : " إن ذلك هدف الإستعمار، الذى لايطمئن على أنه قد أزدردت الأمم الإسلامية إزدراداً كاملاً ، إلا بعد تخليصها من الشوكة التى تقف فى حلقه، وتمنع عنه عملية الإبتلاع الكامل، وهو صوت القرآن العربى المجلجل فى صدور المسلمين أياً كانوا" .
وسعى إلى زرع الأساطير والشبهات، فى قلب السيرة النبوية، لتلويثها بعد أن نقاها مؤرخو الإسلام وذلك لإفساد العقول بالتشكيك، ودفع الريبة إلى نفوس المسلمين فى شأن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، وهو مادفع الدكتور ( هيكل ) صديقه إلى أن يقول : " لقد تحول طه الرجل الذى لايخضع لغير محكمة النقض والعقل، إلى رجل كلف بالأساطير، يعمل على إحيائها وإن هذا ليثير كثيراً من التساؤل، إذ أن طه حسين وقد فشل فى تثبيت أغراضه عن طريق العقل والبحث العلمى لجأ إلى الأساطير، ينمقها ويقدمها للشعب إظهاراً لما فيها من أوهام " .
يتبع......